מכשירי כתיבה

الطريق إلى المدرسة: حكاية نور وسارة
كان صباحًا جديدًا، والشمس تُرسل خيوطها الذهبية لتداعب وجوه العابرين. خرجت نور من منزلها كعادتها، تحمل حقيبتها المدرسية الممتلئة بالكتب. كانت تمشي مع سارة، صديقتها المقرّبة، على الطريق نفسه الذي اعتادتا سلوكه كل يوم إلى المدرسة، ذلك الطريق الطويل المُحاط بالأشجار التي تساقطت أوراقها. بدا مألوفًا، لكنه دائمًا ما كان يخفي شيئًا جديدًا.
"سارة، هل تساءلتِ يومًا عن الطرق الأخرى؟ ماذا لو قررنا اليوم ألا نسلك هذا الطريق المعتاد؟" سألت نور، وهي تنظر إلى صديقتها بابتسامة مشاكسة.
ابتسمت سارة بحذر وقالت: "لكن ماذا لو ضللنا الطريق؟ ربما نتأخر عن المدرسة، قد لا نجد طريق العودة".
ضحكت نور متشوّقة: "أليس هذا ممتعًا؟ مغامرة صغيرة قبل الدرس، لا أعتقد أن هناك ضررًا في اكتشاف طريق جديد".
بعد لحظة تردد، وافقت سارة على اقتراح نور. استدارتا عند الزقاق الصغير الذي كانتا تلاحظانه دائمًا، لكنه لم يكن يومًا جزءًا من رحلتهما المعتادة. بدا الزقاق مختلفًا بألوانه الزاهية وهدوئه الغريب. كانت الجدران مرسومة بأشكال فنية بدت وكأنها تحكي قصصًا قديمة.
"من رسم كل هذا؟" سألت سارة، وهي تتأمل لوحة لطفلة صغيرة تحمل كتابًا.
ردت نور بابتسامة: "ربما كانت طفلة تسير إلى مدرستها مثلنا تمامًا".
واصلتا السير، ثم بدأتا تسمعان صوتًا بعيدًا يشبه عزف ناي. تبادلتا نظرات الفضول وقررتا تتبع الصوت، إذ قادهما إلى حديقة صغيرة لم تعرفا بوجودها من قبل. كانت الحديقة مليئة بالأشجار الكثيفة والزهور الملونة، وفي وسطها جلس رجل عجوز يعزف على ناي خشبي.
اقتربت الفتاتان بحذر، وقالت نور: "صباح الخير يا عم، عزفك جميل جدًا!"
ابتسم العجوز رادًّا: "صباح الخير يا صغيرتَين، لم أرَ أحدًا يعبر هذا الطريق منذ مدة طويلة، هل ضللتما طريقكما؟"
ضحكت سارة مجيبة: "بل قررنا أن نخوض مغامرة جديدة".
هز العجوز رأسه مفسرًا: "لطالما حملت التجارب المثيرة في طياتها مفاجآت جميلة، لكن تذكّرا دائمًا أن كل طريق تختارانه يعلمكما شيئًا جديدًا".
جلستا معه لبضع دقائق تستمعان إلى عزفه وتتأملان الحديقة، التي بدت وكأنها عالم آخر. حينما شعرتا بأن الوقت قد تأخر، شكرته نور وقالت: "سنعود إلى هنا مرة أخرى لنسمع عزفك".
رد العجوز بابتسامة غامضة: "سأكون هنا دائمًا".
عادت الفتاتان إلى طريقهما، ووصلتا إلى المدرسة في النهاية، لكن ذلك اليوم لم يكن عاديًا، فقد شعرتا بأنهما اكتشفتا سرًا صغيرًا حُفر أثره في ذاكرتهما، وكأنهما لم تأخذا سوى بضع خطوات.
بعد سنوات، عندما كبرت نور وسارة، تذكرتا ذلك الطريق بصوره. قالت نور: "هل تعتقدين أن ذلك الرجل العجوز ما زال هناك؟"
ردت سارة بابتسامة: "ربما، لكنني أظن أنه كان جزءًا من الطريق، ليعلّمنا أن كل رحلة يمكن أن تكون بداية لقصة جديدة، وأن الحياة مليئة بالطرق السحرية، فقط إن كنا نملك الجرأة للبحث عنها".
أضافت نور: "هذا الطريق علّمني شيئًا… أن الأشياء التي نراها كل يوم قد تخفي في طيّاتها سحرًا لا ندركه، فقط إن تجرّأنا على رؤيته".