قصّة (بريق الغد)
الْحَيَاة تَسِير وَكُلَّ شَخْص يعيشها بِطَرِيقِه مُخْتَلِفَةٌ عَنْ الْآخَرِ. وَالْيَوْم سنسير مَعَ تَجْرِبَةٍ لِشَخْص مَجْهُولٍ أَدَّت هَذِه التَّجْرِبَة لإيصاله إلى منظور مَا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةَ. الشَّخْص الْمَجْهُول: كُنْت أَمْضِي في هَذِهِ الْحَيَاةِ كأي إنْسَانٌ آخَرَ. أَسِير عَلَى أَشْوَاك الْحَيَاة، أُحَاوِل الصمود وَالْإِكْمَال، وَلَكِنَّنِي كُنْت إذْ وَصَلَت إلى نقطة مَا وتعثرت، أهاجر وَأسْتَسْلَم وَلَا أُحَاوِل حَتَّى أن أتخطّى هَذِه الْعَقَبَة إنَّمَا اُتْرُكْهَا وَاتْرُك سَبِيلَهَا... وَنَصِل أَحْيَانًا إلى نقطة حَتَّى نتساءل، يَا تُرَى هَل سَيَكُون الْغَد هَكَذَا؟ هَل سأحصل عَلَى مَا أُرِيدُ، أَمْ هَلْ سَأصِل لِمَا أَسْعَى إلَيْه؟ يا تُرَى مَاذَا يُوجَد في الْمَنْظُور الْبَعِيد؟ الطَّرِيق ستزهر أَم سأكمل وَأَنَا كُلَّمَا تعثرت تَرَكْت المكابحة فِي سَبِيلِهَا!؟ وَهَذِه أَسْئِلَة تَخْطُر عَلَى بَال الْجَمِيع، كَمَا خَطَرَتْ عَلَى بَالِي وَلَكِنَّنِي لَمْ أُجِب عَن أَيِّ مِنْ الْأَسْئِلَةِ وَأَكْمَلْت طَرِيقِي وَأَنَا كُلَّمَا تعثرت تَرَكْت... وَفِي يَوْمِ قَرَأْت جُمْلَة جَعَلْتنِي أُعِيد التَّفْكِير بِالْحَيَاة، جَعَلْتنِي أُعِيد التَّفْكِير بِالْمُسْتَقْبَل الْمَجْهُول، الْمُسْتَقْبَل الَّذِي إمّا يُزْهِر أَو يذبل وَهَذَا يَكُونُ نَتَائِج لأَفْعَالِنَا، تَأَمَّلْت قَلِيلًا في الْجُمْلَة وَأَعَدْت التَّفْكِير في كُلِّ مَا هُوَ حَوْلِي. قَد تتساءلون مَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ!! وَلَكُم الْحق بِذَلِكَ.. الْجُمْلَةَ هِيَ "قُم بتصميم الْمُسْتَقْبَل بَدَلًا مِنْ تَرْمِيم الْمَاضِي" عِنْد قِرَاءَتِي لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ تَوَقَّفَت قَلِيلًا وأبحرت فِي تَفْكِيرِي حَتَّى تَوَصَّلَت إلَى أنَّنِي لَمْ أُحَاوِل تَرْمِيم الْمَاضِي حَتَّى! لَمْ أثابر فِي سَبِيلِ الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ أَخَذَت كُلُّ مَا هُوَ سَهْل وَأَكْمَلْت. لَم أَسِر بِمَنْطِق إن تَعَثّرت قُم وَأَكْمَل، بَل سِرت بِمَنْطق إن تعثرت اِسْتَسْلِم وَأَبْدَأ مِنْ بِدَايَة أُخْرَى وَاتْرُك هَذِه الْعَقَبَة وَلَا تُحَاوِل حتى إِصْلَاحِهَا.. لِذَلِك تَوَصَّلَت بَعْد قِرَاءَتِي لِلْجُمْلَة وبعد تعمقي وتدبري بها أَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَقَطْ أنْ نَنْظُرَ لِمَا هُوَ فِي الْحَاضِرِ، بَلْ عَلَيْك أَنْ تَنْظُرَ لمنظور بَعِيدٍ، لِأَنّ أَفْعَالَك الْيَوْمَ هِيَ نَتَائِج الْغَد، عَلَيْك الإبْحَار لِلْغَد، هَذَا لَا يَعْنِي أَنَّ تَنْسَى الْحَاضِر وَتَضَع تركيزك بِالْمُسْتَقْبَل، لَا، وَلَكِنْ اجْعَلْ لِلْمُسْتَقْبَل زَاوِيَة بِعَقْلِك وَلَا تَنْسَى أَنَّ مَا تَفْعَلُهُ الْيَوْمَ هُوَ لِسَبَب مِمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ... وتوصلت إلَى أَنْ النَّجَاحَ لَيْس سَهْلًا، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ الْوُصُولُ إلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْك الْخُوَار فِي كُلِّ عقبة تَرَاهَا، عَلَيْك الْوُقُوف إيجَاد طَرِيقَة لِإِصْلَاحِهَا وَعَدَم الاِسْتِسْلاَم مِنْ الْبِدَايَة. عَلَيْك ألَّا تَنْهَار وَلَا تَشْعُرُ بِالضَّعْف لِعَدَم نَجَاحك بأمر مَا، جَمِيعُنَا فِي مَحَطَّة مَا نحبط مِن أخطائنا وَلَكِنْ عَلَيْك أَخْذِ هَذَا الْخَطَأ نُقْطَة لإكمالك الطَّرِيق. وهَذِه كَانَتْ تَجرِبَتي لِتغيير تَفْكِيرِي وَمَنْظُورِي بِسَبَب جُملَة عَابِرَة جَعَلَتْنِي أُعِيدُ التَّفكِيرُ بِمَا هُوَ حَوْلِي. الْحَيَاة مَلِيئَة بِالْعَثَرَات وَلَكِنْ إنْ تغلّبت عَلَيْهَا تَسْتَطِيع الْوُصُولِ إلَى مُرَادِك. الأَجْيَال الصَّغِيرَة هُم شَبَاب الْمُسْتَقْبَل، هُم نُور الْغَد وَهُم مِفْتَاح التَّغْيِير والتطوير، بَريق الْغَد يَجْعَلَك تَفَكَّر بِمُسْتَقْبَل بَاهِر، بَعْد صِعَاب ومشقّات واجهتها وَصَلَت إلى نقطة تَجْعَلُك تُشْعِر وَكَأَنَّك مَلَكَت الْعَالَمَ كُلَّهُ، الْغَد مُسْتَقْبَلٌ مَجْهُولٌ وَلَكِنّ منظورك الْبَعِيد ونظرتك إلى الْأُمُور تَزِيدُهَا جَمَالًا... نِهَايَةُ بَريق الْغَد هُو منظورك لِلْمُسْتَقْبَل، هُو الْمُسْتَقْبَلِ فِي عَيْنَيْك لَا يَرَى هَذَا الْبَرِيق سِوَاك فَلِكُلّ مِنَّا بِرِيقُه الْخَاصّ، بَريق الْغَد كالشمعة يَنْتَظِرُ مَنْ يضيئه لينير الْمَكَان، وَهُنَا يَأْتِي دَوْرُك.