מכשירי כתיבה

בלוג

حينما يهلّ القدر

المرتبة الثالثة مكرر
 | 
حلا عبد الله

جفونٌ خامِلة تقطر منها حبّات الأمل المخذول، تساقطتِ الخيبةُ كما تتساقطُ الأمطار معلنةً قدوم شتاء مبكِّر حلَّ معه الأسى، وبين أربعةِ جدران جلست الفتاة تفكّر وتفكّر حتّى انبجست أفكارٌ عديدةٌ منها، لكن ليس فيها ما يصلُح أن يكونَ الحلّ.

هبَّتِ العواصف الحادّة؛ فمُنعَ التّجوُّل واختبأ الأناس احتماءً مِن غضب السّماء، اشتدّت واقتلعت كلَّ ما وقفَ متحدِّيًا إيّاها؛ فهدمَته وهَدمَتْ كلَّ شيءٍ حتّى آخر لَبِنَة أمل للفتاة.

خطَّطت للانتقال اليومَ إلى العاصمة حيث عملها الّذي مِن المزمعِ أن تستلمَه في الصّباح الباكر، إلّا أنّ ناقِل أثاثها هُرِعَ لمنزلِه بعد سماعِ الأخبار المحذِّرة، وخلّفها حائرةً غارقةً بينَ صناديق التّخزينِ والأثاث المغلَّف، هاتفَتْ جميعَ مَن خطروا في بالها ولم تجِدْ مَن يقدِّمُ لها المساعدة. فمَن سيجرؤ أن يتصدّى للجوّ العاصِف ويخرجَ لانتشالِها؟

جلستْ على بلاطِ شقّتها، تتّكئُ على الجدار، خائبةً، لا تدري ماذا ستفعل. تنتظرُها غدًا فرصةٌ ذهبيّةٌ لا يجوزُ أن تُفرّطَ بها. تنقلُ نظرَها بين عقدِ العملِ وساعةِ الحائط، فيتملّكها الدّوار، فتتمسّكُ بآخرِ قطرةِ صبرٍ تبقّتْ لديها.

لم تتوقَّع هذا الهجومَ المفاجئ الذي كان يتربّصُ لها، وأفسدَ خُطّتها. ومع إعلان استسلامها، رنَّ جرسُ الشقّة مُعلنًا وصولَ زائر. تأمّلت أن يكون مفتاحَ فرَجها، فهرولت لِتفتحَ الباب.

وقف على بابها رجلٌ عجوز، ظهرت بذرةُ سِنِّه عبر شعره الفضيّ الوهّاج، وبجانبه امرأةٌ لا تختلف عنه صِفاتٍ، يرافقهما شابٌّ في عمر الزّهور. هما والداها، وهو شقيقها الأصغر. فجّت الابتسامةُ عبوسَ وجهها لرؤيتهم، فملاذها قد وصل.

بدأ الجميع بالعمل على نقل الأثاث إلى الشّاحنة القديمة التي حانَ وقت إحيائها بعد سنواتِ سباتها الطّويلة. خلال ساعة، خاضت الشّاحنة معركتها وشقّت طريقها من ضواحي المدينة حتّى العاصمة، رغم مشقّة التحرّك في طقسٍ مماثل لما كان في ذلك اليوم.

فجأةً، تباطأت الشّاحنة حتّى شُلَّت حركتُها تمامًا. عند فحص المشكلة، اتّضحَ أنّ إحدى العجلات قد غرِقت في الوحل العميق. لم يسَعهم فِعل أيّ شيء، لا سيّما أنّ الطّريق شبه مَهجور. بعد دقائقَ، توقَّفت سيارة يقودها رجل كهل، فساعدَهم مُستخدمًا حبلًا متينًا لسحب الشّاحنة.

وبينما انشغل الآخرون، جلستِ الفتاةُ جانبَ والدتها. حينها لم تستطِع كبحَ دموعِها، فتنهّدت قائلة:
"ماذا لو لم أَصلْ في الوقت المناسب؟ ماذا لو خسرتُ العمل؟"
ربّتت والدتها على يدها بحنانٍ وقالت:
"الحياة مليئة بالمفاجآت، ولكنّنا هنا الآن.. معكِ، ما نخسره اليوم قد نعوِّضه غدًا، فلا تقنطي من رحمة الله".

تحرّرتِ الشّاحنةُ أخيرًا، فشكروا الرَّجل شكرًا عظيمًا، فجاملهم متبسِّمًا:
"إنّها ليلة صعبة دون شكّ، لكنَّ دعمَنا لبعضنا هو ما يجعلها تمرّ بسلام".

ركب الجميع الشاحنة مجدّدًا، وكانت الفتاة تشعر بأنّ ثقل قلبها قد بدأ يخفّ، ليس لأنّ المشكلة قد حُلَّت، بل لأنّ وجود عائلتها بجانبها منحها قوّة جديدة لمواجهة القادم.

بعد ثلاث ساعات من الأحاديث العائلية الدافئة، وبرفقة البدر الذي شاركهم الطريق، وصلت الشاحنة إلى وجهتها. لا شكّ أنّها رحمةُ الله، فقد يسّر لهم بلوغ حاجتهم رغم قساوةِ الظّروف التي عرقلت تقدّمهم.

تعاونَ الأفرادُ الأربعةُ معًا ونقلوا الأغراضَ كلّها، عملوا كتفًا إلى كتفٍ، وفي وقتٍ لاحقٍ انتهتِ المشقّة.

نظرَتِ الفتاةُ إلى عائلتها، وشعرت بأنّهم الكونُ أجمعُ بالنّسبة لها. هُرعت إلى عناقهم، شاكرةً لهم جهدهم وتفانيهم لأجلها. فاحتْ رائحةُ الامتنانِ في الأجواء، إذ تبقى العائلةُ وحدها الحضنَ الدافئَ الذي ينفضُ غبارَ الألمِ عند الشّدائد.

وإن كان هناك عامِلٌ لا يتغيّرُ أبدًا، فهو العائلة، فهي الملجأُ الأخيرُ بعد نفادِ الحلول.

נימוקי השופטים

نص رائع وعاطفي، يلامس القلوب برسالته العائلية العميقة.

  • وصف شاعري وأسلوب عاطفي قوي يجعل القارئ يشعر بالمشاعر بعمق.
  • رسالة مؤثرة حول العائلة كملاذ أخير تضفي بعدًا إنسانيًا دافئًا.
  • سرد متماسك ومتوازن بين الأحداث والمشاعر والتوتر الدرامي.
  • استخدام ذكي للرمزية مثل الشاحنة المتعثرة والعاصفة التي تعكس التحديات.

אהבתי
נימוקי השופטים

نص رائع وعاطفي، يلامس القلوب برسالته العائلية العميقة.

  • وصف شاعري وأسلوب عاطفي قوي يجعل القارئ يشعر بالمشاعر بعمق.
  • رسالة مؤثرة حول العائلة كملاذ أخير تضفي بعدًا إنسانيًا دافئًا.
  • سرد متماسك ومتوازن بين الأحداث والمشاعر والتوتر الدرامي.
  • استخدام ذكي للرمزية مثل الشاحنة المتعثرة والعاصفة التي تعكس التحديات.

הצבעה ליצירה

היצירות הזוכות

חטיבת הביניים
תיכון

حينما يهلّ القدر

المرتبة الثالثة مكرر
 | 
حلا عبد الله

جفونٌ خامِلة تقطر منها حبّات الأمل المخذول، تساقطتِ الخيبةُ كما تتساقطُ الأمطار معلنةً قدوم شتاء مبكِّر حلَّ معه الأسى، وبين أربعةِ جدران جلست الفتاة تفكّر وتفكّر حتّى انبجست أفكارٌ عديدةٌ منها، لكن ليس فيها ما يصلُح أن يكونَ الحلّ.

هبَّتِ العواصف الحادّة؛ فمُنعَ التّجوُّل واختبأ الأناس احتماءً مِن غضب السّماء، اشتدّت واقتلعت كلَّ ما وقفَ متحدِّيًا إيّاها؛ فهدمَته وهَدمَتْ كلَّ شيءٍ حتّى آخر لَبِنَة أمل للفتاة.

خطَّطت للانتقال اليومَ إلى العاصمة حيث عملها الّذي مِن المزمعِ أن تستلمَه في الصّباح الباكر، إلّا أنّ ناقِل أثاثها هُرِعَ لمنزلِه بعد سماعِ الأخبار المحذِّرة، وخلّفها حائرةً غارقةً بينَ صناديق التّخزينِ والأثاث المغلَّف، هاتفَتْ جميعَ مَن خطروا في بالها ولم تجِدْ مَن يقدِّمُ لها المساعدة. فمَن سيجرؤ أن يتصدّى للجوّ العاصِف ويخرجَ لانتشالِها؟

جلستْ على بلاطِ شقّتها، تتّكئُ على الجدار، خائبةً، لا تدري ماذا ستفعل. تنتظرُها غدًا فرصةٌ ذهبيّةٌ لا يجوزُ أن تُفرّطَ بها. تنقلُ نظرَها بين عقدِ العملِ وساعةِ الحائط، فيتملّكها الدّوار، فتتمسّكُ بآخرِ قطرةِ صبرٍ تبقّتْ لديها.

لم تتوقَّع هذا الهجومَ المفاجئ الذي كان يتربّصُ لها، وأفسدَ خُطّتها. ومع إعلان استسلامها، رنَّ جرسُ الشقّة مُعلنًا وصولَ زائر. تأمّلت أن يكون مفتاحَ فرَجها، فهرولت لِتفتحَ الباب.

وقف على بابها رجلٌ عجوز، ظهرت بذرةُ سِنِّه عبر شعره الفضيّ الوهّاج، وبجانبه امرأةٌ لا تختلف عنه صِفاتٍ، يرافقهما شابٌّ في عمر الزّهور. هما والداها، وهو شقيقها الأصغر. فجّت الابتسامةُ عبوسَ وجهها لرؤيتهم، فملاذها قد وصل.

بدأ الجميع بالعمل على نقل الأثاث إلى الشّاحنة القديمة التي حانَ وقت إحيائها بعد سنواتِ سباتها الطّويلة. خلال ساعة، خاضت الشّاحنة معركتها وشقّت طريقها من ضواحي المدينة حتّى العاصمة، رغم مشقّة التحرّك في طقسٍ مماثل لما كان في ذلك اليوم.

فجأةً، تباطأت الشّاحنة حتّى شُلَّت حركتُها تمامًا. عند فحص المشكلة، اتّضحَ أنّ إحدى العجلات قد غرِقت في الوحل العميق. لم يسَعهم فِعل أيّ شيء، لا سيّما أنّ الطّريق شبه مَهجور. بعد دقائقَ، توقَّفت سيارة يقودها رجل كهل، فساعدَهم مُستخدمًا حبلًا متينًا لسحب الشّاحنة.

وبينما انشغل الآخرون، جلستِ الفتاةُ جانبَ والدتها. حينها لم تستطِع كبحَ دموعِها، فتنهّدت قائلة:
"ماذا لو لم أَصلْ في الوقت المناسب؟ ماذا لو خسرتُ العمل؟"
ربّتت والدتها على يدها بحنانٍ وقالت:
"الحياة مليئة بالمفاجآت، ولكنّنا هنا الآن.. معكِ، ما نخسره اليوم قد نعوِّضه غدًا، فلا تقنطي من رحمة الله".

تحرّرتِ الشّاحنةُ أخيرًا، فشكروا الرَّجل شكرًا عظيمًا، فجاملهم متبسِّمًا:
"إنّها ليلة صعبة دون شكّ، لكنَّ دعمَنا لبعضنا هو ما يجعلها تمرّ بسلام".

ركب الجميع الشاحنة مجدّدًا، وكانت الفتاة تشعر بأنّ ثقل قلبها قد بدأ يخفّ، ليس لأنّ المشكلة قد حُلَّت، بل لأنّ وجود عائلتها بجانبها منحها قوّة جديدة لمواجهة القادم.

بعد ثلاث ساعات من الأحاديث العائلية الدافئة، وبرفقة البدر الذي شاركهم الطريق، وصلت الشاحنة إلى وجهتها. لا شكّ أنّها رحمةُ الله، فقد يسّر لهم بلوغ حاجتهم رغم قساوةِ الظّروف التي عرقلت تقدّمهم.

تعاونَ الأفرادُ الأربعةُ معًا ونقلوا الأغراضَ كلّها، عملوا كتفًا إلى كتفٍ، وفي وقتٍ لاحقٍ انتهتِ المشقّة.

نظرَتِ الفتاةُ إلى عائلتها، وشعرت بأنّهم الكونُ أجمعُ بالنّسبة لها. هُرعت إلى عناقهم، شاكرةً لهم جهدهم وتفانيهم لأجلها. فاحتْ رائحةُ الامتنانِ في الأجواء، إذ تبقى العائلةُ وحدها الحضنَ الدافئَ الذي ينفضُ غبارَ الألمِ عند الشّدائد.

وإن كان هناك عامِلٌ لا يتغيّرُ أبدًا، فهو العائلة، فهي الملجأُ الأخيرُ بعد نفادِ الحلول.

تعليقات الحكام

نص رائع وعاطفي، يلامس القلوب برسالته العائلية العميقة.

  • وصف شاعري وأسلوب عاطفي قوي يجعل القارئ يشعر بالمشاعر بعمق.
  • رسالة مؤثرة حول العائلة كملاذ أخير تضفي بعدًا إنسانيًا دافئًا.
  • سرد متماسك ومتوازن بين الأحداث والمشاعر والتوتر الدرامي.
  • استخدام ذكي للرمزية مثل الشاحنة المتعثرة والعاصفة التي تعكس التحديات.

الفائزات/ين في مسابقة الكتابة

المواضيع التي نالت إعجاب اللجنة